تُعدّ قصة حياة الشيخ الحاج عبد المطلب منيابر (1874-1937) تجسيدًا للعزيمة في طلب العلم والتفاني الكبير في نشر تعاليم الدين الإسلامي. فقد لعب هذا العالم الصوفي، الممارس للطريقة النقشبندية، دورًا محوريًا في التطور الروحي لمجتمع منديلينج، وخاصة في مناطق بارباران، وهوتابارجوت، ومومبانج جاي، ولارو، وتامبانجان، وسيمانجامبات، وبانجكودو، وراورااو، وسيلادانج. لقد أصبحت رحلة حياته المليئة بالكفاح والبركات مصدر إلهام للأجيال اللاحقة.
وُلد الشيخ عبد المطلب منيابر عام 1874، ونشأ يتيمًا. كان والده يُدعى جابيدوندانج. قضى طفولته في بساطة، يرعى جواميس جامانيانجي في مرعى سيلادانج. لقد صقلت الحياة القاسية منذ صغره شخصيته ليصبح فردًا مستقلاً ومجتهدًا.
حدث منعطف حاسم في حياته في سن الثانية عشرة. فقد هاجر إلى ديلي متبعًا خطى أخيه الأكبر، عبد اللطيف. وفي أرض الغربة، عمل حاصدًا للعشب لإطعام خيول العربات التي كانت آنذاك وسيلة النقل العام الشائعة في ميدان. أدى عمله الجاد وتفانيه إلى ازدهار تجارته مع أخيه. ثم وسعوا نشاطهم ببيع الأقمشة إلى المزارع في أراضي ديلي.
يستحق الشيخ عبد المطلب منيابر الثناء على روحه العالية واستقلاليته. ففي سن مبكرة نسبيًا، 17 عامًا (حوالي عام 1891)، تمكن من أداء فريضة الحج إلى مكة المكرمة بماله الخاص، من مدخرات تجارته. شكلت هذه الرحلة الروحية بداية لمسيرة طويلة ومباركة في طلب العلم.
بعد أداء فريضة الحج، لم يعد الشيخ عبد المطلب منيابر مباشرة إلى وطنه. بل اختار الإقامة في مكة المكرمة لمدة عشر سنوات تقريبًا (1891-1901) لتعميق معرفته الدينية. وخلال تلك الفترة، لم يقتصر على الدراسة في مكة، بل أصبح مسافرًا زائرًا لبيت المقدس، مما أضاف إلى ثروته العلمية وتجاربه.
في مكة المكرمة، تعمق الشيخ عبد المطلب منيابر في دراسة الطريقة النقشبندية في جبل قبيس، أحد المراكز المعروفة لدراسة التصوف. تتلمذ على يد علماء بارزين وأتقن تعاليم هذه الطريقة جيدًا. أصبحت معرفته وفهمه العميق للدين زادًا أساسيًا له في نشر الإسلام لاحقًا.
خلال إقامته في مكة المكرمة، التي استمرت حوالي 50 عامًا، أسس الشيخ عبد المطلب منيابر أسرة. تزوج من امرأة من آتشيه كانت تقيم أيضًا في مكة، ورُزق منها بستة أبناء وبنات. ثم تزوج مرة أخرى من امرأة من مانامبين تزوجها في كلانج، شبه جزيرة الملايو، وأنجب منها طفلين.
كما أسس الشيخ عبد المطلب منيابر منزلًا في مكة المكرمة ظل قائمًا حتى الألفية الثانية. وهذا يدل على ارتباطه الوثيق بالأراضي المقدسة، على الرغم من أن قلبه ظل متوقًا للعودة إلى مسقط رأسه والدعوة فيه.
قرر هذا العالم، المعروف بكثرة عودته إلى وطنه، أخيرًا العودة والاستقرار في منيابر عام 1923 مع جميع أفراد أسرته. وقد استقبلت عودته بفرح من قبل مجتمع منديلينج الذي سمع عن علمه وبركته خلال دراسته في مكة.
من بين المساهمات الملموسة للشيخ عبد المطلب منيابر للمجتمع اكتشاف عين ماء في آيك بانير. أصبحت هذه العين مصدرًا هامًا للمياه النظيفة لسكان المنطقة، وخاصة لأغراض الوضوء قبل أداء الصلاة.
في السابق، كان العديد من سكان المنطقة لا يؤدون الصلاة بحجة عدم وجود ماء طاهر للوضوء. ومع اكتشاف آيك بانير، تم التغلب على هذه العقبة، وتمكن المجتمع أخيرًا من أداء فريضة الصلاة في حالة طهارة وفقًا لتعاليم الدين.
كان دور الشيخ عبد المطلب منيابر في تغيير الحياة الروحية لمجتمع منديلينج عظيمًا. لم يقتصر على تعليم العلوم الدينية، بل قدم أيضًا حلولًا عملية لاحتياجاتهم العبادية. أصبح وجود عين ماء آيك بانير رمزًا حقيقيًا لبركة علمه وتفانيه.
توفي الشيخ عبد المطلب منيابر عام 1937، لكن إرثه العلمي وتأثيره استمرا في حياة مجتمع منديلينج. يُذكر كعالم مجتهد وعالم وتقي ولديه اهتمام كبير بالرفاهية الروحية والمادية لأمته.
تُعدّ قصة حياة الشيخ الحاج عبد المطلب منيابر مثالًا للأجيال الشابة حول أهمية الاجتهاد في طلب العلم، والعمل الجاد، والاستقلالية، والتفاني في نشر الخير. إن رحلة حياته من راعي جواميس إلى عالم بارز في مكة وعودته للدعوة في مسقط رأسه هي مصدر إلهام لا يقدر بثمن.
أصبح اكتشاف عين ماء آيك بانير دليلًا واضحًا على أن العلم والعمل الصالح يمكن أن يعودا بفائدة عظيمة على المجتمع. لم يقدم الشيخ عبد المطلب منيابر التنوير الروحي فحسب، بل حل أيضًا مشاكل عملية واجهها مجتمعه.
يُظهر وجود منزله في مكة المكرمة حتى عقود بعد وفاته الأثر العميق الذي تركه في الأراضي المقدسة. كما أنه يمثل رمزًا للعلاقة الوثيقة بين علماء إندونيسيا ومركز الحضارة الإسلامية في مكة.
يُظهر قراره بالعودة والاستقرار في منيابر بعد عقود من الإقامة في مكة المكرمة حبًا عميقًا لوطنه ورغبة قوية في خدمة مجتمعه.
الشيخ الحاج عبد المطلب منيابر شخصية عالم تستحق الاحترام والقدوة. تُعدّ قصة حياته المليئة بالكفاح والعلم والعمل الصالح جزءًا مهمًا من تاريخ الإسلام في إندونيسيا، وخاصة في منديلينج.
لا يزال إرثه يُذكر ويُلهم الأجيال الحالية والمستقبلية للاستمرار في الاجتهاد في طلب العلم الديني وفعل الخير للآخرين.
0 تعليق