‏إظهار الرسائل ذات التسميات منديلى. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات منديلى. إظهار كافة الرسائل

الشيخ إسماعيل الحراحب... عالم استُشهِد في سبيل الله لاستقلال إندونيسيا


الشيخ إسماعيل الحراحب... عالم استُشهِد في سبيل الله لاستقلال إندونيسيا

تانجونغ بالاي – في سجل نضال الاستقلال الإندونيسي، لم يكن المقاتلون فقط من حملوا السلاح، بل كان للعلماء أيضًا دور محوري في إشعال روح المقاومة وتوجيه الأمة نحو الحرية. ومن أبرز هؤلاء العلماء البارزين الذين ضحّوا بحياتهم في سبيل الوطن، الشيخ الشهيد في سبيل الله إسماعيل بن عبد الوهاب الحراحب، أحد رموز العلم والمقاومة في سومطرة الشرقية.

وُلد الشيخ إسماعيل عام 1897 في قرية كوم بيلك، باغان أساهان، من أب يُدعى الحاج عبد الوهاب الحراحب المنحدر من هوتا إمبارو في بادانغ لواس، ومن أم تُدعى سريامان. نشأ في بيئة دينية محافظة، حيث تلقّى تعليمه الأوليّ في المدارس المحلية ثم واصل تعليمه الديني على يد الشيخ هاشم توا وعدد من العلماء الآخرين في تانجونغ بالاي، التي كانت آنذاك مركزًا مهمًا للعلم والدين في سلطنة أساهان.

في عام 1925، سافر إلى مكة المكرمة لتوسيع معرفته الدينية، وبقي فيها خمس سنوات، اجتهد فيها في طلب العلم وأداء فريضة الحج، والتقى بعلماء من مختلف أرجاء العالم الإسلامي. لكن طموحه العلمي لم يتوقف عند ذلك، فقد انتقل في عام 1930 إلى جامعة الأزهر بالقاهرة لمواصلة دراسته العليا.

في الأزهر، أنهى الشيخ إسماعيل عدّة مراحل تعليمية رفيعة، منها الشهادة العالية، ثم شهادة العالمية، ثم شهادة كلية الشريعة، وأخيرًا التخصص، الذي كان يُعدّ في ذلك الوقت معادلاً لدرجة الدكتوراه. هذه الرحلة العلمية جعلته من كبار علماء زمانه في منطقة سومطرة.
عاد إلى الوطن متسلحًا بالعلم والروح النضالية. ومع تصاعد الاحتلال الياباني ثم عودة الاستعمار الهولندي، لم يتردد الشيخ إسماعيل في إعلان موقفه الحازم. قام بعمل جريء اعتبره الكثيرون عملًا بطوليًا حين أنزل علم اليابان من مكتب "غون ساي بو" في تانجونغ بالاي، متحديًا بطش الاحتلال العسكري الياباني.

لم يقتصر نضاله على الميدان السياسي، بل وظف قلمه في سبيل الاستقلال. تولّى رئاسة تحرير مجلة الإسلام الحر، التي غيّر اسمها لاحقًا إلى روح الاستقلال، ليبثّ من خلالها الوعي الوطني والديني بين أبناء الأمة.

وبعد الاستقلال، ولحاجة المنطقة إلى كفاءات لإدارة الشؤون الدينية، عيّنه الحاكم الإقليمي السيد ت. م. حسن عام 1946 رئيسًا لبيت المال التابع لديوان الشؤون الدينية في بيماتانغ سيانتار، ليواصل هناك عمله في تنظيم الحياة الدينية والاجتماعية.

لكن ما إن اندلعت الحرب من جديد في شكل العدوان الهولندي الأول عام 1947، حتى أصبح الشيخ إسماعيل أحد أهداف الاستعمار المباشرة بسبب نشاطه المؤثر وموقفه الحاسم ضد الاحتلال. لجأ مؤقتًا إلى جزيرة سيماردان لتفادي الاعتقال، ولكن أثناء عودته إلى منزله في شارع تابلولي، حيّ سيبيروك، يوم الأحد 24 أغسطس 1947، أُلقي القبض عليه من قِبل الجنود الهولنديين في تمام الساعة العاشرة صباحًا.

وفي الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم نفسه، دون محاكمة أو دفاع، تمّ تنفيذ حكم الإعدام فيه رميًا بالرصاص. استشهد الشيخ إسماعيل عن عمر يناهز الخمسين عامًا، ودُفن في سجن سيماردان، حيث أسدل الستار على فصل بطولي من فصول النضال الإندونيسي.

كان استشهاده صدمة لأبناء منطقته ولكل من عرفه، لكنه خلّد اسمه في ذاكرة الأمة. لقد كان عالمًا، ومربّيًا، ومجاهدًا في سبيل الله والوطن، جمع بين العلم والجهاد في أسمى معانيهما.

خلّف وراءه أثرًا كبيرًا في قلوب الناس، وإرثًا من الشجاعة والإيمان لا يُنسى. فكان بحقّ رمزًا يُحتذى به لكل من يسعى للجمع بين نور العلم وروح الاستقلال.

لقد برهن أن العلماء ليسوا فقط مشاعل هداية في المساجد، بل أيضًا قادة في ميادين الكفاح. وكان الشيخ إسماعيل مثالًا حيًا على ذلك.
بقي اسمه محفورًا في وجدان سومطرة الشرقية، وشهادته تروى بفخر على ألسنة الأجيال. وإن لم يُمنح رسميًا لقب "بطل قومي"، إلا أن الأمة تراه كذلك في ضمائرها.

هو من أولئك الذين باعوا أنفسهم لله، فكانوا نورًا في زمن الظلام، ووقودًا لثورة لا تزال تضيء حاضر إندونيسيا الحرّة. رحمه الله ورضي عنه، وجعل مثواه الجنة.

دور علماء المانديلينغ في نهضة الإسلام بسومطرة الشمالية: الشيخ الحاج محمود فوزي


دور علماء المانديلينغ في نهضة الإسلام بسومطرة الشمالية: الشيخ الحاج محمود فوزي

بادانغ سيديمبوآن – لعب علماء المانديلينغ دورًا محوريًا في نشر الإسلام وتعزيز حضارته في سومطرة الشمالية، وكان من أبرزهم العالم الجليل الحاج محمود فوزي سيديمبوآن، الذي وُلد عام 1896 في مدينة بادانغ سيديمبوآن، في أسرة متدينة من الأب الحاج محمد نوح والأم الحاجة عائشة.

كانت الحاجة عائشة، والدته، من أوائل المثقفات في منطقة باتاك، وقد أسست جماعة نسائية إسلامية خاصة بها، مما جعلها تُعرف بلقب "أمبونغ غورو" أي "الجدة المعلمة"، وهو لقب يدل على مكانتها العلمية والاجتماعية العالية في مجتمعها.

تلقى محمود فوزي تربية دينية راسخة في أحضان والدته، مما أثر على ميوله نحو طلب العلم الشرعي منذ نعومة أظافره. وقد بدأ رحلته العلمية بالانتقال إلى هوتابونغكوت ليتعلم على يد الشيخ عبد الحميد، أحد كبار علماء المنطقة في ذلك الوقت.

مكث هناك ثلاث سنوات ينهل من علوم الدين على يد الشيخ عبد الحميد، الذي شجعه على مواصلة دراسته في مكة المكرمة. استجاب محمود فوزي لتلك النصيحة، وسافر إلى مكة عام 1910، في سن مبكرة، لمواصلة تعليمه الديني.

كانت والدته الداعم الأكبر له خلال فترة دراسته في مكة، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تمر بها الأسرة أثناء الحرب العالمية الأولى، إذ أرسلت له مبلغ خمسة وعشرين روبية ليساعده على مصاريف الحياة في الغربة.

بعد أن أتم دراسته في مكة، عاد محمود فوزي إلى أرض الوطن عام 1919، واختار بلدة باتانغ تورو مركزًا لنشاطه التعليمي والدعوي. وهناك بدأ مسيرته في نشر التعليم الإسلامي وتنظيم المجتمع على أسس دينية متينة.

بحلول عام 1926، أصبح له تأثير واسع النطاق، إذ بدأت أفواج من سكان منطقة باتاك توبا، خاصة من بورسيه وباليغه، تتوافد للاستماع إلى محاضراته، بل إن العديد منهم اختاروا الإقامة في باتانغ تورو للانخراط في مؤسساته التعليمية.

كان محمود فوزي أيضًا من الدعاة البارزين الذين ساهموا في إدخال الكثير من سكان توبا إلى الإسلام، حيث كانوا يأتون إلى بيته ويُعلنون رغبتهم في اعتناق هذا الدين، وكان يستقبلهم بصدر رحب ويعلمهم تعاليم الإسلام.

وفر لهم أماكن للإقامة المؤقتة في مساكن خاصة، حتى يتمكنوا من التعلّم والاندماج في الحياة الإسلامية قبل عودتهم إلى قراهم الأصلية. وقد أصبح عدد كبير من هؤلاء الموالف، في عهد الاستقلال، موظفين في وزارة الشؤون الدينية في جمهورية إندونيسيا الوليدة.

لم يقتصر دور محمود فوزي على التعليم والدعوة، بل كان أيضًا كاتبًا مبدعًا، ألّف العديد من الكتب، إلا أن أغلبها فُقد بمرور الزمن. ومن أشهر مؤلفاته الباقية كتاب بعنوان نحو مكة - المدينة - بيت المقدس.

كما شغل مناصب دينية بارزة، كان آخرها منصب رئيس الشورى في نهضة العلماء (رئيس شوري) في باتانغ تورو، وهو ما يدل على الثقة الكبيرة التي وضعها فيه المجتمع الديني المحلي.

لم يدخر جهدًا في سبيل الدعوة، بل وهب جزءًا كبيرًا من أمواله الخاصة لتأسيس المؤسسات التعليمية وبناء المساجد، مما جعل إرثه لا يقتصر على العلم فقط، بل يشمل البنية التحتية لنشر الإسلام كذلك.

كان لعلماء المانديلينغ مثل محمود فوزي أثر كبير في تحويل مناطق مثل بادانغ سيديمبوآن وباتانغ تورو إلى مراكز إشعاع علمي وروحي. وقد ساعدوا في تشكيل هوية إسلامية متجذرة ومتماشية مع قيم المجتمع المحلي.

أسس محمود فوزي نموذجًا لعالم يجمع بين العلم والعمل، بين التعليم والإصلاح، وكان تأثيره ممتدًا إلى خارج منطقته، حيث تخرج من مؤسساته العديد من الطلبة الذين واصلوا مسيرته في التعليم والدعوة.

ورغم مرور الزمن، لا تزال ذكراه خالدة في قلوب أبناء سومطرة الشمالية، حيث يُعد رمزًا للعلم والدين والقيادة المجتمعية التي لا تنضب.

إن سيرة هذا العالم الكبير تمثل فصلًا مهمًا في تاريخ الإسلام في إندونيسيا، وتُظهر كيف ساهمت الشخصيات الدينية في النهضة الدينية والاجتماعية لشعوبهم.

ولا تزال المؤسسات التي أسسها، والتقاليد التعليمية التي أرساها، قائمة حتى يومنا هذا، شاهدة على إخلاصه وعطائه.

لقد جمع بين الأصالة والمعاصرة، واستطاع أن يرسّخ الإسلام في قلوب الناس دون أن يتصادم مع ثقافتهم، بل جعل من الدين منبعًا للتطور والنهضة.

ومن خلال مسيرته، يتضح أن علماء المانديلينغ لم يكونوا فقط حفظة علم، بل كانوا بناة حضارة وروّاد نهضة في سومطرة الشمالية.

علماء المانديلينغ يؤسسون نهضة إسلامية في سيبيروك


علماء المانديلينغ يؤسسون نهضة إسلامية في سيبيروك

سيبيروك – لا يمكن فصل تاريخ الحضارة الإسلامية في جنوب تابانولي عن الدور الكبير الذي لعبه العلماء الذين وضعوا أسس التقدم الاجتماعي والتربوي منذ مطلع القرن العشرين. ومن بين الشخصيات البارزة في هذا المجال، يبرز اسم الشيخ محمد يونس حورابا، العالم الجليل من منطقة حورابا في مانديلينغ، الذي لم يُعرف فقط بعلمه، بل أيضًا بتفانيه في بناء مجتمع سيبيروك الشامل.

وُلد الشيخ محمد يونس عام 1894 في قرية حورابا الواقعة في قلب منطقة مانديلينغ، ونشأ في بيئة دينية قوية. دفعه شغفه بالعلم إلى السفر إلى مكة المكرمة، حيث نهل من علوم الشريعة والتصوف التي أصبحت فيما بعد زاده في إصلاح المجتمع عند عودته إلى وطنه.

لم تكن عودته من مكة مجرد رحلة جسدية، بل كانت بداية لمسيرة فكرية وروحية أحدثت تغييرًا عميقًا في سيبيروك. وبطلب من كبار الشخصيات التقليدية في المنطقة، والمعروفين بـ"نامورا ناتوراس"، قرر الشيخ الإقامة في سيبيروك والتفرغ لخدمة الناس منذ عام 1865.

كانت بداية نشاطه الإصلاحي من خلال بناء مسجد رايا سيبيروك، الذي أصبح مركزًا للأنشطة الدينية والثقافية في المنطقة. كان المسجد نقطة انطلاق للنهضة الإسلامية المحلية، وجذب الناس للصلاة والتعلم والتجمع.

لكن الشيخ محمد يونس لم يكتفِ ببناء المساجد، بل أسس أيضًا مؤسسات تعليمية تُعنى بتعليم الأطفال والشباب مبادئ الإسلام وأخلاقه. كان يؤمن أن مفتاح تقدم الأمة يكمن في العلم والتربية منذ الصغر.

بفضل جهوده في التعليم، بدأ المجتمع في سيبيروك يشهد تحولًا تدريجيًا، حيث أصبح الناس أكثر التزامًا بالقيم الإسلامية وأكثر تنظيمًا في حياتهم الاجتماعية، مع الحفاظ على التقاليد المحلية المتناغمة مع الدين.

أصبح دور الشيخ محمد يونس في البناء الاجتماعي معترفًا به ليس فقط في سيبيروك، بل في المناطق المجاورة أيضًا. واكتسبت سيبيروك سمعة كمركز للتعليم الإسلامي، وخرجت منها أجيال من العلماء الذين واصلوا نشر العلم والدعوة.

ومن أبرز تلاميذه الشيخ شكور لابوو من منطقة باراو سورات، الذي اشتهر بالعلم والورع، وساهم في استمرار مسيرة التعليم والدعوة التي بدأها أستاذه، حتى أصبح من الأسماء اللامعة في أنغكولا ومانديلينغ.

كما واصل أحد أبناء الشيخ، وهو الشيخ أحمد دي سيبيروك، مسيرة والده في نشر العلم والدين. وقد لعب دورًا مهمًا في ترسيخ دعائم الإسلام وتعليم الناس في المنطقة، مما يعكس قوة التربية والتعليم في بيت الشيخ محمد يونس.

أصبح هذا البيت منارة علمية وروحية، وانتقلت رسالته من جيل إلى جيل. وقد ساهمت أسرته في ترسيخ نهج متكامل يجمع بين العلم والعمل والدعوة في المجتمع المحلي.

مع مرور الزمن، استمرت آثار الشيخ في الظهور على واقع المجتمع، إذ أصبح الناس أكثر وعيًا بأهمية العلم والدين في حياتهم، وأصبح ذلك إرثًا يفتخر به أهالي سيبيروك حتى اليوم.

أنشأت العديد من المدارس والمعاهد لاحقًا على أساس النموذج التعليمي الذي وضعه الشيخ، حيث تم دمج العلوم الدينية مع التربية الأخلاقية والاجتماعية.

ومن خلال مساهماته، لم تعد سيبيروك مجرد بلدة صغيرة في جنوب تابانولي، بل أصبحت مركزًا علميًا ودعويًا له أثر واسع في نشر الإسلام في شمال سومطرة.

لقد أثبت الشيخ محمد يونس حورابا أن العالم ليس فقط من يخطب في المحراب، بل هو أيضًا من يُصلح المجتمع ويبني أسسه من خلال العلم والقيم.

ولا تزال ذكراه حية في ذاكرة سكان سيبيروك ومانديلينغ، كما أن المسجد الذي أسسه، والمدارس التي أنشأها، شاهدة على نضاله وتفانيه في خدمة الدين والمجتمع.

يرى المؤرخون المحليون أن العلماء أمثال الشيخ محمد يونس يمثلون نقطة تحول في تاريخ النهضة الإسلامية في المنطقة، لأنهم جمعوا بين التعليم والإصلاح الاجتماعي في آنٍ واحد.

ويُعد الشيخ نموذجًا يُحتذى به من قِبل الشباب الذين يطمحون لخدمة أمتهم من خلال بناء مجتمعات قائمة على العلم والإيمان.

ويواصل المجتمع المحلي الحفاظ على هذا الإرث من خلال تكريم العلم والعلماء، ونشر القيم التي غرسها الشيخ في أرجاء سيبيروك ومحيطها.

وقد أصبحت أسماء العلماء الذين تخرجوا من تحت راية هذا التعليم تمثل هوية دينية وثقافية للمنطقة، وتُعد مصدر فخر واعتزاز لسكانها.

لقد أثبت الشيخ محمد يونس حورابا أن العالم الصادق يستطيع أن يُحدث تغييرًا كبيرًا في أمته من خلال الإخلاص والعلم، وأن رسالته ستظل خالدة في القلوب والأذهان.

وحدة الصلة، "إيكاناس" و"هيما لوبيس" تنظمان حفل حلال بي حلال

وحدة الصلة، "إيكاناس" و"هيما لوبيس" تنظمان حفل حلال بي حلال

جاكرتا – في روح تعزيز أواصر الصلة وتقوية روابط الأسرة بين أبناء شمال سومطرة، وخاصة من عشيرتي ناصوتيون (Nasution) ولوبيس (Lubis)، تنظم رابطة عائلة ناصوتيون (IKANAS) واتحاد عشيرة لوبيس (HIMA Lubis) حفل "حلال بي حلال" مشتركًا في وسط جاكرتا في العشرين من أبريل الجاري.

سيُعقد هذا الحدث في أحد القاعات المرموقة بمنطقة منتينغ، وسط جاكرتا، ويُعد لحظة هامة لأبناء المنطقة المقيمين في الخارج ليتبادلوا التحيات ويصلوا أرحامهم بعد احتفالهم بعيد الفطر المبارك.

لا يُعتبر هذا النشاط مجرد لقاء اجتماعي عادي، بل هو تقليد يُحافظ عليه لجمع شمل أبناء العشيرتين المنتشرين في أنحاء البلاد وخارجها.

يُعد "الحلال بي حلال" مناسبة لإحياء المحبة بين أفراد العائلة، واستذكار الوطن، وتعزيز الالتزام بالحفاظ على القيم الثقافية وروح القرابة في ظل حياة المدن المتسارعة.

العلاقة التاريخية القوية بين عشيرتي ناصوتيون ولوبيس، سواء من حيث النسب أو التراث، تُشكل أساسًا متينًا لهذا التعاون المستمر بينهما.

تُجسد الشراكة بين "إيكاناس" و"هيما لوبيس" في هذا الحدث أهمية الوحدة كقوة اجتماعية وثقافية تُنقل إلى الأجيال القادمة.


سيحضر هذا الحفل عدد من الشخصيات الوطنية من أصول "أنغكولا"، إضافة إلى أكاديميين ومثقفين وشباب فاعلين في النشاطات الاجتماعية والثقافية في العاصمة والمناطق الأخرى.

يتضمن البرنامج كلمات من الشيوخ، وموعظة دينية، ودعاء جماعي، بالإضافة إلى عروض فنية ذات طابع ثقافي "مانديلاينغ" و"أنغكولا" التي تعكس معاني الإخاء والتواصل الأسري.

تلعب رابطة عائلة ناصوتيون (إيكاناس) دورًا نشطًا في تعزيز الانسجام والتضامن بين أبناء العشيرة في مجالات العمل الاجتماعي والتعليم والحفاظ على التراث الثقافي.

كما أن اتحاد عشيرة لوبيس (هيما لوبيس) يُعد منصة لتطوير قدرات أبناء العشيرة، لخلق بيئة أسرية قوية سواء في الغربة أو في أرض الوطن.

وقد أصبحت هاتان المنظمتان جسرًا لحل مشكلات أبناء العشيرتين، وشريكًا للحكومات المحلية، ومروجًا لحماية التقاليد والعادات الثقافية في وجه العولمة.

كما يُعد الحفل جزءًا من جهود التجديد، ويُأمل أن يغرس في نفوس الشباب روح التمسك بالجذور وعدم الانفصال عن الهوية الثقافية.

أُشرك عدد من شباب العشيرة وخريجي الجامعات في تنظيم الحدث ليُضفيوا روحًا جديدة عليه ويُحولوه إلى مساحة للحوار بين الأجيال.

ويُستغل الحدث لوضع برامج عمل مشتركة مستقبلية بين "إيكاناس" و"هيما لوبيس"، خصوصًا في مجالات التعليم وتمكين الاقتصاد العائلي ورقمنة التراث الثقافي.

وقد أبدى المشاركون حماسة كبيرة، حيث بلغ عدد المسجلين للمشاركة حتى أوائل أبريل المئات من مناطق "جابوديتابيك"، وشمال سومطرة، وحتى من خارج البلاد.

يُظهر هذا الحدث أن روح الصلة والقيم الأسرية ما تزال حية ومزدهرة بين أبناء العشائر، رغم تحديات العصر الحديث.

كما يُمثل هذا اللقاء فرصة للتأمل في التحديات الثقافية والاجتماعية، كضعف الروابط الأسرية، والحاجة إلى تعزيز الهوية، والتكيف مع الاقتصاد الرقمي.

ومن خلال الأجواء العائلية الدافئة، يُتوقع أن يُحقق هذا الحدث أهدافه في ترسيخ العلاقات الاجتماعية والمهنية بين أبناء العشيرتين.

تُعلق "إيكاناس" و"هيما لوبيس" آمالًا كبيرة على هذا الحفل ليكون نقطة انطلاق نحو شراكات أكثر قوة في البرامج الاجتماعية والثقافية المستقبلية.

كما يُتوقع أن يكون مصدر إلهام للعشائر الأخرى في شمال سومطرة لتعزيز وحدتها والمساهمة بشكل إيجابي في المجتمع والوطن.

ولا يُعتبر "الحلال بي حلال" مجرد تقليد بعد العيد، بل هو رمز لقوة ثقافة "باتاك أنغكولا" في الحفاظ على القيم النبيلة والوحدة في مجتمع متنوع.

وبروح الوحدة التي يجسدها هذا الحدث، من المتوقع أن يكون حفل "حلال بي حلال" في 20 أبريل أحد أكبر لقاءات المجتمع العشائري هذا العام، وبداية لأجندة تعاونية أوسع مستقبلًا.

علماء مانديلينج: نور مكة يضيء سومطرة.


علماء مانديلينج ومكة: مصابيح العلم في الأرخبيل

لطالما عُرفت أرض مانديلينج في سومطرة الشمالية بأنها منجم للعلماء الذين يتمتعون بعلم غزير وتأثير كبير في المجتمع. فمنذ أوائل القرن العشرين، سعى العديد من أفضل أبناء مانديلينج إلى طلب العلم في مركز الحضارة الإسلامية، مكة المكرمة. وعند عودتهم إلى الوطن، أصبحوا روادًا في التعليم الإسلامي، وهداة روحيين، وقادة للتغيير الاجتماعي في مختلف أنحاء الأرخبيل.

أحد الشخصيات المحورية في كنوز علماء مانديلينج هو الشيخ سليمان، المعروف أكثر باسم توان الشيخ آيك ليبونج. ولد عام ١٩٠٥ وتوفي في قرية آيك ليبونج عام ١٩٧٠، وينحدر من عائلة علماء بارزين. جده، الشيخ روواني الخالدي النقشبندي، كان عالمًا جليلًا في الطريقة النقشبندية. وكان والده، الشيخ شهاب الدين، أيضًا عالمًا في الطريقة النقشبندية وتلميذًا للشيخ محمد علي رضا في مكة المكرمة.

ورث الشيخ سليمان التقاليد العلمية للعائلة وعمق معرفته في مختلف فروع العلوم الدينية. تلقى تعليمه الأولي في المدرسة الشعبية، ثم واصل دراسته الدينية في بورب بارو قبل أن يسافر أخيرًا إلى مكة المكرمة للدراسة في مدرسة دار العلوم الدينية لمدة ١٥ عامًا. وفي مكة المكرمة، تفاعل ودرس مع علماء آخرين من الأرخبيل، بمن فيهم الشيخ علي حسن أحمد والشيخ عبد الوهاب موارامايس والشيخ جعفر عبد الوهاب.
تتجلى خبرة الشيخ سليمان في علم الحديث في كتابه "مبادئ مصطلح الحديث"، الذي طُبع في ميدان عام ١٩٦٠. أصبح هذا الكتاب مرجعًا مهمًا في دراسة علم الحديث في المعاهد والمدارس الإسلامية. كانت مساهمته في الأدب الإسلامي قيمة للغاية.

كان الإنجاز الرئيسي للشيخ سليمان هو تأسيس زاوية (بوندوك بارسولوكان) في آيك ليبونج، أنجكولا جاي. أصبحت هذه الزاوية مركزًا لتعليم الطريقة النقشبندية والتوجيه الروحي لتلاميذه. بالإضافة إلى ذلك، أدار أيضًا مدرسة العشيرة الشهابية في سايرماتينجي، مما يدل على التزامه بالتعليم الرسمي وغير الرسمي.

من بين علماء مانديلينج الآخرين الذين طلبوا العلم في مكة المكرمة الشيخ محمود آيك كوبوران. حج وطلب العلم في مكة المكرمة لمدة ٨ سنوات. كان والده، السلطان بورانج، أول شخص من مانديلينج يحج عام ١٨٥٠، مما يدل على وجود تقاليد دينية قوية في عائلته.
قضى الشيخ عبد الحميد من هوتابونجكوت جاي ١٠ سنوات في الدراسة بمكة المكرمة قبل أن يعود إلى قريته عام ١٨٩٥. عُرف بأنه فقيه متمكن. أكسبه إتقانه لكتاب "سبيل المهتدين" لقب "شيخ سبيلال" من قبل تلاميذه الذين أتوا من مناطق مختلفة. نشط في التدريس في عدة قرى وأسس مسجدًا أصبح مركزًا للأنشطة الدينية وحتى مكانًا للاجتماعات السياسية خلال حركة الاستقلال الوطنية.

كان الشيخ عبد الوهاب من موارامايس جامبور أيضًا من خريجي مكة المكرمة. بعد عودته إلى القرية، عقد دروسًا دينية منتظمة في منزله ثم أسس معهد دار العلوم عام ١٩٨٩، والذي يديره الآن ابنه الشيخ مواردي.
درس الشيخ حسين ناسوتيون من هورابا أيضًا في المسجد الحرام لمدة ٧ سنوات بعد أداء فريضة الحج عام ١٨٩٠. نشط في تأسيس معهد إسلامي في بيراك، ماليزيا، قبل أن يعود إلى هورابا ويؤسس معهد هورابا. أتى تلاميذه من مناطق مختلفة، وبعد ٢٤ عامًا من إدارة المعهد، انتقل إلى بادانج سيديمنبوان ودرس في مسجد رايا لامو.

عُرفت دعوة الشيخ حسين ناسوتيون في بادانج سيديمنبوان بجهوده في مكافحة المنكرات والعادات التي تتعارض مع تعاليم الإسلام. توفي عام ١٩٣٢ ودُفن في مسقط رأسه هورابا.

تعد قصص هؤلاء العلماء من مانديلينج الذين طلبوا العلم في مكة المكرمة دليلًا حيًا على شغفهم بالعلم وتفانيهم في خدمة الدين الإسلامي. لم يكتفوا بتعميق معرفتهم الدينية فحسب، بل جلبوا معهم أيضًا روح التجديد والتعليم التي طبقوها لاحقًا في وطنهم.
أصبحت المعاهد الإسلامية التي أسسوها مراكز لنشر العلوم الدينية والتنشئة الأخلاقية للمجتمع. وأصبح تلاميذهم فيما بعد علماء وشخصيات مجتمعية ساهمت بشكل كبير في بناء الأمة.

لا تزال آثار هؤلاء العلماء من مانديلينج خريجي مكة المكرمة محسوسة حتى اليوم. تستمر مؤلفاتهم ومعاهدهم الإسلامية والقيم التي نشروها في إلهام الأجيال المسلمة الحالية.

يستحق حماسهم في طلب العلم حتى الأراضي المقدسة ثم تكريسه لخدمة الأمة الاقتداء به. إنهم مصابيح علم أضاءت الأرخبيل بنور الإسلام رحمة للعالمين.

تعد قصة حياتهم جزءًا مهمًا من تاريخ تطور الإسلام في إندونيسيا، وخاصة في سومطرة الشمالية. إنهم أبطال التعليم والدعوة الذين قدموا مساهمات لا تقدر بثمن للأمة والوطن.

علماء مانديلينج: نور العلم من الحرمين


علماء مانديلينج ومكة: مصابيح العلم في الأرخبيل

لطالما عُرفت أرض مانديلينج ناتال في سومطرة الشمالية بأنها منجم فكري للإسلام في إندونيسيا. فقد أنجبت هذه المنطقة علماء كاريزميين نهلوا العلم من مركز الحضارة الإسلامية، مكة المكرمة. وعند عودتهم إلى الوطن، لم يصبح هؤلاء العلماء خلفاء لرسالة النبوة فحسب، بل كانوا أيضًا أركانًا مهمة في تقدم التعليم والدعوة والحياة الاجتماعية الدينية في إندونيسيا.

تُخلد صورة عام 1983 لحظة تآزر بين عدد من علماء مانديلينج ناتال، وهو مشهد مليء بالمعاني والتاريخ. وفي الصورة، يظهر أيضًا عصا ممسكة، وهي رمز يذكر بشخصية الشيخ أحمد ياسين الفداني، عالم من مينانغكابو كانت له أيضًا بصمة علمية عميقة في مكة المكرمة. يبدو حضور هذه العصا وكأنه رابط روحي بين مدرستين علميتين كبيرتين في الأرخبيل لهما جذور في الحرمين الشريفين.

من بين صفوف علماء مانديلينج ناتال الذين أثروا تاريخ العلم في إندونيسيا، الشيخ الحاج عبد الله مصطفى ناسوتيون (1921-1995). كان مديرًا لمعهد مصطفوية الإسلامي، إحدى أقدم وأكثر المؤسسات التعليمية الإسلامية تأثيرًا في سومطرة الشمالية، وذلك من عام 1955 إلى عام 1995. لقد أثمر تفانيه في تطوير المعهد عن تخريج آلاف الخريجين الذين شغلوا مناصب في مختلف المجالات.

ثم هناك اسم الشيخ الحاج شمس الدين الحافظ المانديلي (حسبوان)، المعروف أكثر باسم توان جاكرتا (1908-1991). شغل منصب رئيس المعلمين في معهد مصطفوية الإسلامي من عام 1980 إلى عام 1991. كانت بصمته العلمية عميقة للغاية، بالنظر إلى أنه كان خريجًا من الفلاح في مكة المكرمة، وقضى 26 عامًا (1925-1951) يتتلمذ على علماء المسجد الحرام، المصدر الرئيسي للعلوم الدينية الإسلامية.

عالم بارز آخر هو الشيخ الحاج جعفر تانجونج، أو المعروف باسم توان موسير (1911-1992). كان معلمًا محترمًا في معهد مصطفوية الإسلامي. كان تعليمه مرموقًا أيضًا، حيث كان خريجًا من الأزهر الشريف في مصر، وقضى 5 سنوات (1931-1936) ينهل العلم في أرض الفراعنة.

بعد ذلك، هناك الشيخ الحاج علي حسن الحافظ الداري (حسبوان)، المعروف باسم توان بينتو بادانج جولو (1917-1997). كان خريجًا من دار العلوم في مكة المكرمة، وقضى 15 عامًا (1927-1942) يتعمق في العلوم الدينية في المسجد الحرام. لقد شكلت تجربته في الحرمين الشريفين شخصيته وعلمه بشكل كبير.

لا ننسى أيضًا الشيخ الحاج عبد الحليم كاتب لوبيس، أو توان نا بوزو (1901-1992). شغل منصب رئيس المعلمين في معهد مصطفوية الإسلامي من عام 1955 إلى عام 1980. كان خلفيته التعليمية خريجًا من الصولتية في مكة المكرمة، وقضى أيضًا 8 سنوات (1927-1935) يتتلمذ على علماء المسجد الحرام.
أخيرًا في هذه القائمة الشيخ الحاج عبد الوهاب لوبيس، أو توان موارا مايس (1914-1991). كان أيضًا خريجًا من دار العلوم في مكة المكرمة، وقضى 8 سنوات (1934-1942) ينهل العلم في المسجد الحرام.
عاد هؤلاء العلماء البارزون من مانديلينج ناتال، مسلحين بعلم عميق من مكة المكرمة، إلى إندونيسيا وكرسوا حياتهم لتقدم الأمة. وأصبحوا قادة ومعلمين في المعاهد الإسلامية، موجهين آلاف الطلاب ليصبحوا جيلًا قادمًا من الأمة يتمتع بالأخلاق الحميدة والمعرفة الواسعة.

لم يقتصر دورهم على عالم التعليم الرسمي في المعاهد الإسلامية. بل كانوا نشطين أيضًا في أنشطة الدعوة في المجتمع، يقدمون المحاضرات والنصائح والتوجيه الروحي للمسلمين في مختلف أنحاء البلاد.

لقد كانت حياتهم البسيطة وقدوتهم الحسنة مصدر إلهام للكثيرين. علموا أهمية العلم الديني كأساس للحياة، ومارسوه في حياتهم اليومية.

لا يزال أثر العلم والروحانية لهؤلاء العلماء من مانديلينج، خريجي مكة المكرمة، محسوسًا حتى اليوم. ولا يزال معهد مصطفوية الإسلامي، باعتباره أحد أهم إرثهم، يُخرج علماء ومثقفين مسلمين يساهمون في خدمة الأمة والوطن.

تُعدّ قصة حياتهم وجهادهم جزءًا مهمًا من تاريخ تطور الإسلام في إندونيسيا. إنهم مثال حي لكيفية تطبيق العلم المكتسب في الأراضي المقدسة لخدمة الأمة في الوطن.

يستحق حماسهم في طلب العلم وتطبيقه أن يقتدي به شباب المسلمين اليوم. لقد علموا أن العلم الديني والمعرفة العامة يجب أن يسيرا جنبًا إلى جنب لتحقيق التقدم الحقيقي.

يُعدّ وجود صورة عام 1983 شاهدًا صامتًا على قوة الأخوة والتآزر بين علماء مانديلينج ناتال البارزين. لقد دعموا بعضهم البعض وقووا بعضهم في أداء مهمتهم النبيلة.

إن الإرث الفكري والروحي الذي تركوه هو ثروة لا تقدر بثمن للأمة الإندونيسية. يقع على عاتق الجيل القادم مسؤولية الحفاظ على هذا الإرث وتطويره ليستمر في إفادة الأمة.

لقد أثبت علماء مانديلينج خريجو مكة المكرمة أن حب العلم والتفاني في خدمة الدين يمكن أن يُنتجا قادة عظماء يقدمون مساهمات كبيرة في تقدم الأمة والوطن.

تُعدّ قصص
 نجاحهم مصدر إلهام للطلاب والدارسين لمواصلة الحماس في طلب العلم، سواء داخل البلاد أو خارجها. سيظل دورهم كمصابيح للعلم في الأرخبيل يُذكر ويُقدر من قبل الأجيال المسلمة الإندونيسية. إنهم أبطال مجهولون كرسوا حياتهم لتقدم الأمة والوطن.
.

آثار نسل النبي: زيارة مباركة في منديلينج

تحتضن منطقة مانديلينج ناتال في سومطرة الشمالية جوهرة تاريخية وروحية تجذب اهتمام العديد من الزوار من مختلف الأنحاء. ففي وسط المناظر الطبيعية الخلابة، يختبئ ضريح ليس مجرد مثوى أخير، بل هو أيضًا علامة على آثار عالم عظيم ومن نسل مباشر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ضريح ذرية السيد باقي بالله العلوي. لقد أصبح وجوده نقطة جذب فريدة لأولئك الذين يسعون إلى البركة والقرب الروحي من خلال زيارة القبور.

تُعدّ الرحلة إلى هذا الضريح مغامرة بحد ذاتها. فبعد مغادرة صخب الطريق السريع الذي يربط بين باتاهان وناتال، يواجه الزوار طريقًا ترابيًا يمتد لمسافة كيلومترين تقريبًا. إن حالة الطريق غير المعبد والوعرة، خاصة عند حلول موسم الأمطار، تتطلب حذرًا إضافيًا. يصبح سطح الطريق زلقًا ومليئًا بالحفر، مما يمثل تحديًا خاصًا، ويختبر صبر وعزيمة الزوار.

على طول هذا الطريق الترابي الهادئ، لا يرافق الزائر سوى مشهد مزارع نخيل جوز الهند المملوكة للسكان المحليين. وبعيدًا عن صخب التجمعات السكنية، يبدو موقع الضريح منعزلاً وهادئًا للغاية. غالبًا ما يكون الاعتماد على الخرائط الرقمية وحدها غير كافٍ للعثور على هذا المكان دون مساعدة إرشادات من السكان المحليين، نظرًا لموقعه في وسط الغابة.

ومع ذلك، فإن كل صعوبات الرحلة تُكافأ بمجرد وصول الزوار إلى موقع الضريح. يقع الضريح على شاطئ خليج مامبانج الهادئ، وتحيط به الغابات الخضراء الكثيفة، ويوفر ضريح ذرية السيد باقي بالله العلوي جوًا شاعريًا وخاشعًا. تخلق الرياح اللطيفة التي تهب، وتغريد الطيور العذب، وأمواج البحر الهادرة إيقاعًا متناغمًا للطبيعة يريح الروح.

أمام قبره، تبدو ترانيم الكلمات الطيبة أكثر معنى في الصمت الذي يلف المكان. يرفع الزوار دعواتهم بخشوع، مستذكرين عظمة الله سبحانه وتعالى، وآملين في بركة هذه الزيارة. يبدو الحضور في هذا المكان وكأنه يجلب السلام والهدوء الداخلي الذي يصعب العثور عليه وسط صخب الحياة.

وفقًا للمعلومات التي تم جمعها، فإن ذرية السيد باقي بالله العلوي هو عالم بارز وهو أيضًا من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم. لقد لعب دورًا مهمًا جدًا في نشر تعاليم الدين الإسلامي في أرض مانديلينج ناتال. فلا عجب أنه في أيام معينة، خاصة الأيام الدينية الكبرى، يزدحم ضريحه بالزوار القادمين من مناطق مختلفة، وحتى من خارج سومطرة الشمالية.

وُلد السيد محمد باقي بالله، وهو اسمه الكامل، في مكة المكرمة عام 1462 م وتوفي في كامبونج سومور عام 1539 م، ودُفن في تيلوك مامبانج. إن سلسلة نسبه الموثقة بوضوح حتى فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ابنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تزيد من إعجاب الزوار واحترامهم لشخصيته.

بالنسبة للمسلمين الذين تتاح لهم الفرصة لزيارة منطقة مانديلينج ناتال، فإن تخصيص وقت لزيارة ضريح ذرية السيد باقي بالله العلوي هو فرصة قيمة للغاية. فبالإضافة إلى فضل زيارة القبور التي تذكر بالموت وأهمية محاسبة النفس، يُعتقد أن زيارة قبور الصالحين، وخاصة ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم، تجلب البركة والاستقامة في الحياة، في الدنيا والآخرة.

تُعدّ قصة حياة وجهاد ذرية السيد باقي بالله العلوي في نشر الإسلام في مانديلينج ناتال مصدر إلهام للأجيال المسلمة الحالية. إن قدوته في الدعوة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى تستحق التأمل والاقتداء.

لم يصبح ضريحه مجرد مكان للزيارة، بل أصبح أيضًا شاهدًا صامتًا على تاريخ تطور الإسلام في هذه المنطقة. يذكر وجوده بأهمية دور العلماء والشخصيات الدينية في توجيه المجتمع نحو الطريق الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى.

يُؤمل أن تستمر الحكومة المحلية والمجتمع المحلي في الحفاظ على هذا الموقع التاريخي والديني وتراثه. إن تحسين الوصول إلى الضريح سيساعد بشكل كبير في تسهيل وصول الزوار الراغبين في القدوم.

بالإضافة إلى ذلك، يجب الاستمرار في نشر المعلومات حول تاريخ ونسب ذرية السيد باقي بالله العلوي لزيادة عدد المسلمين الذين يعرفونه ويتحفزون لزيارته.

يمكن أيضًا تطوير الإمكانات السياحية الدينية حول هذا الضريح مع مراعاة قدسية وخشوع المكان. إن توفير مرافق كافية للزوار، مثل أماكن الاستراحة ومواقف السيارات، سيزيد من راحتهم.

تُعدّ زيارة ضريح ذرية السيد باقي بالله العلوي رحلة روحية عميقة. ففي هدوء الطبيعة وبالقرب من آثار عالم عظيم، يمكن للزوار التأمل في معنى الحياة وزيادة إيمانهم.

يُعدّ وجود هذا الضريح تذكيرًا بأهمية احترام الأسلاف الذين خدموا في نشر الدين الإسلامي. كما أن الزيارة هي شكل من أشكال الاحترام والدعاء لمن سبقونا.
نأمل مع زيادة عدد المسلمين الذين يزورون ضريح ذرية السيد باقي بالله العلوي، أن تفيض بركات ورحمات الله سبحانه وتعالى علينا جميعًا، وأن نُمنح دائمًا الاستقامة في تطبيق تعاليم الدين الإسلامي.
هذا الضريح هو أثر تاريخي جدير بالحفاظ عليه وتخليده كجزء من التراث الحضاري الإسلامي في إندونيسيا. إن وجوده ليس مهمًا فقط لمجتمع مانديلينج ناتال، بل لجميع المسلمين الذين يرغبون في الاقتداء بآثار العلماء والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى.
دعونا نجعل زيارة ضريح ذرية السيد باقي بالله العلوي لحظة لزيادة الإيمان، وتعزيز روابط الأخوة، وتذكر خدمات أسلافنا في نشر الدين الإسلامي في أرض الأرخبيل.


علماء المانديلينغ: مشاعل العلم، وآثار المقامات المباركة

علماء المانديلينغ: مشاعل العلم، وآثار المقامات المباركة


تحتضن سومطرة الشمالية، بتنوعها العرقي والثقافي، كنزًا فكريًا إسلاميًا غنيًا وعميقًا. ومن بين هذا الثراء، يحتل دور العلماء من عرقية المانديلينغ مكانة مميزة. لم يكونوا مجرد حراس لتعاليم الدين، بل كانوا أيضًا دعائم أساسية في البناء الاجتماعي والروحي لمجتمع سومطرة الشمالية. وقد نُقشت آثار جهودهم وعلمهم في التاريخ، وأصبحت مقاماتهم علامات بارزة للتراث الحضاري الإسلامي في هذه المنطقة.

يسجل التاريخ عددًا من علماء المانديلينغ الذين كان لهم تأثير كبير في نشر وتطوير الإسلام في سومطرة الشمالية. لقد كانوا شخصيات لم تقتصر على التعمق في العلوم الدينية فحسب، بل امتلكوا أيضًا حكمة محلية وقدرة على التفاعل مع المجتمع بفعالية. وقد أثمر تفانيهم للعلم والأمة أجيالًا من المسلمين ذوي الأخلاق الفاضلة والفهم العميق للدين.

من بين صفوف هؤلاء العلماء الكاريزميين، تبرز أسماء قليلة كشخصيات مركزية لها مساهمات كبيرة. الشيخ عبد الحميد، الذي ولد في هوتا بونغكوت جولو عام 1865 وتوفي في المكان نفسه عام 1928، كان عالمًا فقيهًا تتلمذ في مكة المكرمة. ويعد قبره في هوتا بونغكوت جولو مزارًا هامًا للسكان المحليين.

الشيخ سليمان لوبيس الخالدي، ولد في هوتا بونغكوت تونغا عام 1842 وتوفي فيها عام 1917، كان أيضًا من كبار علماء المانديلينغ. ويشهد قبره في هوتا بونغكوت تونغا على آثار جهوده في نشر تعاليم الإسلام. وقد واصل خلفاؤه، مثل الحاج سليمان باقي بن عبد الباقي الذي ولد عام 1917 وتوفي عام 1985، التقاليد العلمية للعائلة في هوتا بونغكوت تونغا.

العلامة الشيخ الحاج محمد حسن لوبيس، ولد في سابا دولوك عام 1888 وتوفي عام 1953، كان عالمًا كاريزميًا آخر من المانديلينغ. ويعد قبره في سابا دولوك كوتانوبان مكانًا يحظى باحترام المجتمع. وكذلك الشيخ الحاج عبد الوهاب لوبيس بن الحاج عبد الرحمن، ولد في موارامايس عام 1919 وتوفي في سيديمبوان عام 1991، ويعد قبره في موارا مايس علامة بارزة على آثاره العلمية.

لم يقتصر نشاط علماء المانديلينغ على منطقة تابانولي فحسب، بل امتد إلى مناطق أخرى في سومطرة الشمالية. الشيخ محمد يونس لوبيس بن مانغاراجا لاوت، ولد في تامبانغان تونغا عام 1927 وتوفي في ميدان عام 1990، مثال لعالم يتمتع برؤية دولية حيث تتلمذ في لكناو (الهند) ومكة المكرمة. ويعد قبره في باسا ماغا تذكيرًا باتساع شبكة علماء المانديلينغ العلمية.

الشيخ جنيد تولا رانغكوتي، ولد في هوتا بارينغين عام 1886 وتوفي في هوتا نامالي عام 1948، كان لديه أيضًا تجربة في الدراسة في دول مختلفة مثل ماليزيا ومصر ومكة المكرمة. ويعد قبره في هوتا نامالي (كامبونغ لامو) رمزًا لانفتاح علماء المانديلينغ على مختلف التقاليد العلمية الإسلامية.

استمر ظهور أجيال من علماء المانديلينغ الذين قدموا مساهمات للأمة. الشيخ محمد يوسف لوبيس (أوفسير)، ولد عام 1920 وتوفي عام 2004، والشيخ الحاج عبد المجيد الذي عاش بين عامي 1805 و 1939 تقريبًا، مثالان لعالمين كان لهما تأثير كبير في عصرهما. ويقع قبر الشيخ يوسف لوبيس في هوتا راجا بانيابونغان الجنوبية، بينما يقع قبر الشيخ عبد المجيد في باغاران تونغا كايو لاوت.

الشيخ محمد نووي، ولد في روبوران لومبانغ عام 1938 وتوفي في المكان نفسه عام 2007، كان أيضًا عالمًا يحظى بالاحترام في أوساط مجتمع المانديلينغ. ويعد قبره في روبوران لومبانغ مزارًا للطلاب وأتباعه. وكذلك الحاج فخر الدين باتوبارا، الذي توفي في لومبان دولوك عام 1988، ويقع قبره بالقرب من مسجد لومبان دولوك.

من أبرز علماء المانديلينغ وأكثرهم تأثيرًا الشيخ مصطفى حسين، مؤسس معهد مصطفوية بوربا بارو. ولد في تانو باتو عام 1886 وتوفي في سيديمبوان عام 1955. ويعد قبره في بوربا بارو مركزًا للزيارة وتخليدًا لجهوده في تطوير التعليم الإسلامي في سومطرة الشمالية.

وقد دُفن خلفاء الشيخ مصطفى حسين، مثل الشيخ الحاج إبراهيم سليمان، والحاج عبد الله مصطفى ناسوتيون، والشيخ مختار صديق لوبيس، والشيخ الحاج عبد الحليم خطيب (توان نابوسو)، والشيخ الحاج زين الدين موسى، والحاج عبد الرحمن ناسوتيون، والشيخ الحاج محمد إلياس (أوجي لياس) بن الحاج لطيف ناسوتيون، في بوربا بارو أيضًا، مما يدل على أهمية هذه المنطقة كمركز للعلم الإسلامي في المانديلينغ.

من علماء المانديلينغ الآخرين الذين تستحق آثار جهودهم التذكر الشيخ الحاج عبد الله بن عبد الحكيم (توان كايو لاوت)، عالم التوحيد الذي ولد في تانو باتو عام 1915 وتوفي في كايو لاوت عام 1978. ويقع قبره في هوتاريمبارو كايو لاوت. وكذلك الحاج محمد يوسف ناسوتيون بن الحاج عبد الحكيم الذي ولد عام 1921 وتوفي عام 1984، ويقع قبره أيضًا في هوتاريمبارو كايو لاوت.

الشيخ عبد الجليل قص، الذي توفي في روندينغ عام 1937، والشيخ إسماعيل بن الحاج يوسف الذي ولد عام 1901 وتوفي عام 1998، كانا أيضًا من العلماء المحترمين في المانديلينغ. ويقع قبر الشيخ عبد الجليل في روندينغ، بينما يقع قبر الشيخ إسماعيل في سايور ماينكات هوتا بارغوت.

كما أصبحت منطقة أديانجيور مكان الاستراحة الأخير لعدد من علماء المانديلينغ، مثل الشيخ الحاج عبد الحميد لوبيس (توفي عام 1962)، والشيخ محمد فجر (توفي عام 1993)، والشيخ محمد رشيد بن جابانغولبوان (توفي عام 1957). وتشهد قبورهم في أديانجيور على جهودهم في نشر تعاليم الإسلام في تلك المنطقة.

تتمتع بانيابونغان أيضًا بتاريخ طويل كمركز للعلم الإسلامي في المانديلينغ. وقد دُفن فيها عدد من العلماء البارزين، مثل الشيخ الحاج عبد اللطيف ناسوتيون (توفي عام 1953)، والشيخ الحاج زين الدين ز.أ. بن الحاج زين العابدين (توفي عام 2004)، والشيخ شمس الدين مانديلي بن عبد الرحيم حسبان (توفي عام 1991)، والشيخ محمد جعفر بولونغان (توفي عام 2004)، والشيخ محمد يعقوب بن عبد القادر المانديلي (توفي عام 1984)، والشيخ محمد جعفر بن عبد القادر المانديلي (توفي عام 1958)، والحاج خلاد جعفر ناسوتيون بن الشيخ محمد جعفر (توفي عام 1997). وتعد قبورهم في بانيابونغان أماكن يزورها الناس لتخليد ذكراهم.

من علماء المانديلينغ الآخرين الذين تعد قبورهم علامات بارزة العلامة الحاج عبد المطلب (توفي عام 1936) المدفون في مانيابار، والشيخ شهاب الدين ناسوتيون (توفي حوالي عام 1912) المدفون في مومبانغ جولو، والشيخ عبد الله بن الشيخ عبد المطلب (توفي عام 1975) المدفون في مومبانغ جاي، وأبويا الحاج عبد القادر بن قاري صديق لوبيس (توفي عام 2002) المدفون في جامبور بادانج ماتينغي، والشيخ أحمد زين (مؤسس معهد بينتو بادانج جولو) المدفون في هوتا بارينغين سيابو، والشيخ علي حسن أحمد الداري (توان حسن) (توفي عام 1998) والبروفيسور الدكتور الحاج سوبير أحمد (توفي عام 1982) المدفونان أيضًا في هوتا بارينغين سيابو، والشيخ حسن بولونغان (توفي عام 1974) المدفون في بانغي، والشيخ الحاج بهاء الدين بن عبد الله (توفي عام 1984) المدفون في سيمانينغير، والشيخ عبد الفتاح (توفي عام 1900) والعلامة زين العابدين (أستاذ الشيخ عبد الفتاح) المدفونان كلاهما في باغاران سيغاتال.

إن وجود مقامات علماء المانديلينغ ليس مجرد علامات لمكان استراحتهم الأخير، بل هو أيضًا رمز حي للتراث العلمي والروحي الذي تركوه وراءهم. يتحمل مجتمع سومطرة الشمالية، وخاصة المانديلينغ، مسؤولية الاستمرار في تذكر جهودهم، ودراسة التعاليم التي نقلوها، والحفاظ على تقاليد العلم الإسلامي التي ورثوها. إن إرث علماء المانديلينغ جزء لا يتجزأ من تاريخ الحضارة الإسلامية في سومطرة الشمالية، وآثار مقاماتهم هي تذكير أبدي بنور العلم والحكمة التي أشرقوا بها يومًا ما.

رباط المانديلينغ بمكة: بيت العلم وقلب المجتمع الإندونيسي


رباط المانديلينغ بمكة: بيت العلم وقلب المجتمع الإندونيسي


في قلب مدينة مكة المكرمة المقدسة، وسط صخب ملايين الحجاج من جميع أنحاء العالم، تقع واحة تحمل معنى عميقًا لسكان سومطرة الشمالية، وخاصة عرقية المانديلينغ. يُعرف هذا المكان باسم رباط المانديلي أو رباط المانديلينغ، وهو سكن أو نزل أصبح "وطنًا" لطلاب العلم من المانديلينغ الذين ينهلون المعرفة في الأرض الحرام. وجوده ليس مجرد مكان للإقامة، بل هو أيضًا مركز للتواصل وتبادل العلم والحفاظ على قيم ثقافة المانديلينغ في الأرض المقدسة.

يعتبر رباط المانديلينغ واحدًا من العديد من الأربطة أو النزل التي أُنشئت في مكة المكرمة والمدينة المنورة من قبل مختلف الجاليات المسلمة من جميع أنحاء العالم. تتمتع هذه الأربطة بتاريخ طويل وهي جزء مهم من تقاليد العلم الإسلامي في الحرمين الشريفين. وظيفتها حيوية للغاية، حيث توفر سكنًا لائقًا وغالبًا ما توفر أيضًا مرافق الإقامة والإعاشة لطلاب العلم القادمين من مختلف البلدان لتعميق فهمهم للدين الإسلامي.

بالإضافة إلى رباط المانديلينغ، توجد أيضًا أربطة أخرى أصبحت ملاذًا لطلاب العلم والجامعات من إندونيسيا. أحدها هو رباط الجاوة، الذي يتمتع أيضًا بتاريخ طويل ويستضيف عشرات الطلاب من مختلف مناطق جزيرة جاوة. يدل وجود هذه الأربطة على مدى شغف طلاب العلم من الأرخبيل بتعميق فهمهم للدين الإسلامي من مصادره المباشرة.

كانت زيارة القنصل العام لجمهورية إندونيسيا (كونجن RI) إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة في عام 2007 إحدى اللحظات الهامة التي سلطت الضوء على وجود ودور هذه الأربطة. خلال هذه الزيارة، قام القنصل العام، غاتوت عبد الله منصور، بزيارة تواصل خلال عيد الفطر إلى المشايخ والعلماء الذين يقدمون دروسًا في العلوم الإسلامية ويوفرون أيضًا مرافق الإقامة والإعاشة لطلاب العلم الإندونيسيين.

في الاجتماعات مع المشايخ والعلماء البارزين في مكة المكرمة، مثل الشيخ محمد إسماعيل الزين، والشيخ أحمد قاسم الغامدي، والسيد حامد الكاف، والأستاذ جمهوري، والسيد عباس المالكي، أعرب القنصل العام عن تقديره وشكره لهؤلاء العلماء على كرمهم ومساعدتهم الصادقة وتقديم الدروس والمرافق مجانًا لطلاب العلم الإندونيسيين. وقد رحب المشايخ والعلماء بهذه الزيارة وأكدوا أن تعليم جيل الشباب المسلم هو واجب مشترك.

بالإضافة إلى لقاء المشايخ والعلماء، خصص القنصل العام وقتًا لزيارة رباط الجاوة ورباط المانديلينغ في مكة المكرمة مباشرة. في ذلك الوقت، كان كل رباط يستضيف حوالي 35 طالبًا. وكانت هذه الزيارة تجسيدًا لاهتمام الحكومة الإندونيسية بطلاب العلم في الأرض المقدسة ووسيلة لإقامة تواصل أكثر كثافة.
خلال حوار مع الطلاب الجامعيين وطلاب العلم، أوصى القنصل العام بضرورة الحفاظ على التواصل والتقارب مع القنصلية العامة. يهدف ذلك إلى إقامة علاقة تبادلية جيدة بين ممثلية الحكومة والمواطنين الإندونيسيين في الخارج، بحيث يمكن تحسين الحماية والخدمات. كما أعرب القنصل العام عن أمله في أن يعود الطلاب بعد الانتهاء من تعليمهم إلى مناطقهم الأصلية لتطبيق وتطوير العلم الذي اكتسبوه، حتى يشعر المجتمع بفوائده بشكل مباشر.

وقد رحب الطلاب الجامعيون وطلاب العلم بهذه الزيارة التواصلية والاهتمام الذي أبدته القنصلية العامة. وأعربوا عن شكرهم على الدعم الذي تلقوه حتى الآن وعبروا عن أملهم في أن تقدم القنصلية العامة خدمات في مجال الصحة وأن يتم منحهم الأولوية للعمل كقوة عاملة موسمية خلال موسم الحج. بالإضافة إلى ذلك، قدم الطلاب في المدينة المنورة طلبًا للحصول على دعم معنوي ومادي فيما يتعلق بخططهم لعقد ندوة ليوم واحد حول الوقف في يناير 2008.

تشير البيانات خلال الزيارة إلى أن عدد طلاب العلم في رباط مكة المكرمة بلغ 185 طالبًا، بينما بلغ عددهم في رباط المدينة المنورة 40 طالبًا. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك 22 طالبًا إندونيسيًا يدرسون في جامعة أم القرى بمكة المكرمة و 128 طالبًا يدرسون في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. تعكس هذه الأرقام مدى اهتمام وشغف جيل الشباب الإندونيسي بتعميق فهمهم للدين في الأرض المقدسة.

يأتي الطلاب الذين يقيمون في الأربطة بشكل مستقل ويسعون للحصول على كفيل أو راعٍ بهوية عامل مثل سائق أو خادم أو حارس أمن أو عامل نظافة. هذه الهوية ضرورية للحصول على إقامة أو تصريح إقامة خلال فترة وجودهم في المملكة العربية السعودية. بشكل عام، لا يواجهون صعوبات كبيرة في تلبية احتياجاتهم اليومية مثل السكن والطعام، التي عادة ما يتم ترتيبها من قبل مديري الأربطة أو المتبرعين.
ومع ذلك، غالبًا ما يواجه الطلاب الجامعيون وطلاب العلم بعض الصعوبات في تلبية تكاليف تجديد تصاريح الإقامة وتكاليف الرعاية الصحية المرتفعة في المملكة العربية السعودية. وقد أصبح هذا أحد اهتمامات القنصلية العامة التي تسعى باستمرار لإيجاد حلول وتقديم المساعدة اللازمة وفقًا للإمكانيات واللوائح المعمول بها.

يلعب وجود رباط المانديلينغ والأربطة الأخرى المماثلة في مكة المكرمة والمدينة المنورة دورًا مهمًا للغاية في الحفاظ على روح العلم والأخوة بين طلاب العلم القادمين من إندونيسيا. هذه الأماكن ليست مجرد مساكن مؤقتة، بل هي أيضًا منصات لتبادل الخبرات والمعلومات وتعزيز روابط الأخوة كأبناء وطن واحد يطلبون العلم في الأرض المقدسة.

علاوة على ذلك، يعمل رباط المانديلينغ أيضًا كمركز للحفاظ على قيم ثقافة المانديلينغ في مكة المكرمة. يمكن للطلاب من المانديلينغ التفاعل مع بعضهم البعض وتبادل القصص عن وطنهم وربما تنظيم أنشطة تعزز روابط الأخوة وتذكرهم بجذورهم الثقافية. وبالتالي، يصبح رباط المانديلينغ تمثيلًا مصغرًا لسومطرة الشمالية وسط حشود المدينة المقدسة.

إن قصة رباط المانديلينغ والأربطة الأخرى في مكة المكرمة والمدينة المنورة هي انعكاس لروح المثابرة لدى طلاب العلم من إندونيسيا في سعيهم للمعرفة الدينية. إنهم على استعداد لترك أوطانهم ومواجهة مختلف التحديات في أرض أجنبية من أجل تعميق فهمهم لتعاليم الإسلام في مهده. ويعد وجود هذه الأربطة دليلًا حيًا على قوة تقاليد العلم الإسلامي في الأرخبيل والعلاقات الوثيقة بين إندونيسيا والأرض المقدسة.

لذلك، فإن وجود رباط المانديلينغ والأربطة المماثلة الأخرى يستحق الاستمرار في الدعم والاهتمام. إن دور الحكومة ومنظمات المجتمع والجهات المانحة ضروري لضمان استدامة وتحسين مرافق هذه الأربطة، حتى يتمكن طلاب العلم والجامعات الإندونيسيون من الدراسة بهدوء وتركيز أكبر في طلب العلم في مكة المكرمة والمدينة المنورة. رباط المانديلينغ ليس مجرد نزل، بل هو أيضًا جسر ثقافي وعلمي يربط سومطرة الشمالية بقلب العالم الإسلامي.