مصر تدشّن مقر وكالة الفضاء الإفريقية في القاهرة
شهدت العاصمة المصرية القاهرة يوم الأحد (20 أبريل 2025) افتتاح المقر الرئيسي لوكالة الفضاء الإفريقية (AfSA)، في خطوة تاريخية تهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول الإفريقية في مجال الفضاء والتكنولوجيا المتقدمة.
وأكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال مراسم الافتتاح أن هذا الإنجاز يمثل تتويجًا لجهود مصر الحثيثة لتأسيس هذه الوكالة، التي تجسد رؤية "إفريقيا التي نريدها"، وهي الرؤية المعتمدة ضمن أجندة الاتحاد الإفريقي 2063.
وشدد عبد العاطي على أهمية دور الوكالة الجديدة في تنسيق التعاون السلمي بين الدول الإفريقية في استخدام الفضاء، وتبادل الخبرات، وبناء القدرات، وتوحيد مواقف القارة في المحافل الدولية، لا سيما في إطار الأمم المتحدة.
كما أشار إلى ضرورة انفتاح الوكالة على التعاون مع المؤسسات البحثية والجامعات ووكالات الفضاء الدولية، بما يسهم في بناء قاعدة علمية وتكنولوجية قوية داخل القارة الإفريقية.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية، شريف صدقي، إن إطلاق AfSA يمثل لحظة فارقة في تاريخ إفريقيا، مؤكدًا أنها ستكون منارة للابتكار والتعاون والتقدم لكافة دول القارة.
وأضاف صدقي أن الوكالة الجديدة ستسهم في تمكين الدول الإفريقية من الاستفادة من علوم وتطبيقات الفضاء لخدمة التنمية، وتحقيق استقلال تقني في هذا المجال الحيوي.
وفي السياق ذاته، أعرب هوان ييهنغ، أحد مؤسسي شركة "مينوسبيس" الصينية المتخصصة في تطوير الأقمار الصناعية الصغيرة، عن رغبته في التعاون مع AfSA والدول الإفريقية لتطوير تقنيات الفضاء.
وقال هوان إن AfSA تشكل منصة واعدة للتعاون التقني، تسمح للدول الإفريقية بالانخراط الفعّال في المشهد الفضائي العالمي، وبناء شراكات استراتيجية مع مؤسسات رائدة في هذا المجال.
ويُعد تأسيس AfSA خطوة استراتيجية نحو جعل إفريقيا لاعبًا مؤثرًا في قطاع الفضاء، من خلال تعزيز التنسيق مع وكالات الفضاء الأوروبية والدولية، وتسهيل الوصول إلى البيانات والخدمات الفضائية.
وقد تم اختيار مصر لاستضافة المقر الرئيسي للوكالة في عام 2019 بعد أن استوفت المعايير السياسية والتقنية المطلوبة، ما يعكس مكانتها المتقدمة في مجال الفضاء والتكنولوجيا.
وتسعى AfSA إلى دعم بعثات فضائية تخدم أهداف التنمية المستدامة، وتوفر حلولاً للتحديات البيئية والمناخية، وتُحسن إدارة الموارد الطبيعية في القارة.
كما يتطلع الاتحاد الإفريقي إلى أن تكون AfSA أداة لتعزيز القدرات المحلية، وتشجيع الأجيال الشابة على الاهتمام بمجالات العلوم والهندسة والرياضيات والتكنولوجيا.
وفي هذا الإطار، يُمكن للوكالات الفضائية في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي (OIC) أن تُساهم بفعالية في دعم وكالة الفضاء الإفريقية، خاصة الدول التي تمتلك خبرات متقدمة في هذا المجال.
تُعد إندونيسيا، والإمارات العربية المتحدة، وباكستان من بين أبرز الدول الإسلامية التي طورت قدرات فضائية ملحوظة، ويمكن أن تُشكل شراكات استراتيجية مع AfSA في مجالات الأقمار الصناعية، والاستشعار عن بعد، والبحث العلمي.
إن فتح قنوات التعاون بين AfSA وهذه الدول سيُعزز التكامل بين إفريقيا والعالم الإسلامي في مجالات الفضاء، ويُسهم في نقل المعرفة وبناء الكفاءات الإفريقية في هذا القطاع الحيوي.
كما يمكن للمنظمات الإسلامية المعنية بالعلوم والتكنولوجيا تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي أن تلعب دورًا تنسيقيًا في تسهيل هذا التعاون، وتوفير الدعم الفني واللوجستي.
وتفتح AfSA صفحة جديدة لإفريقيا في عالم الفضاء، لكن نجاحها يعتمد على دعم الشركاء الإقليميين والدوليين، وكذلك إرادة الدول الأعضاء للاستثمار في مستقبل فضائي مشترك يخدم التنمية.
إن استغلال تقنيات الفضاء في إفريقيا لا يُعد ترفًا، بل ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات المعاصرة من تغيّر المناخ إلى الأمن الغذائي وإدارة الكوارث الطبيعية.
وإذا ما تم استغلال هذا الإنجاز بالشكل الصحيح، فإن AfSA يمكن أن تكون نقطة انطلاق نحو نهضة علمية وتقنية شاملة في إفريقيا، تقودها إرادة التعاون والتكامل بين الدول.
اليوم، تبدأ إفريقيا رحلة نحو السماء، ليس فقط للبحث في الفضاء، بل لبناء مستقبل علمي مشترك. وفي القاهرة، انطلقت أولى خطوات الحلم.
0 تعليق